خبرگزاری اهل‌بیت(ع) - ابنا

چهارشنبه ۷ آذر ۱۴۰۳
۳:۲۶
در حال بارگذاری؛ صبور باشید
پنجشنبه
۱۹ اسفند
۱۳۸۹
۲۰:۳۰:۰۰
منبع:
خاص ابنا
کد خبر:
230830

السجود علی التربة الحسینیة ـ القسم 2

آآ

(تکلمة القسم الاول) :

  

البحث الثالث: ما یصحّ السجود علیه عند الشیعة

تعتقد الشيعة بأنه يجب السجود في حال الصلاة علي الأرض وما ينبت منها بشرط أن لا يكون مأكولاً ولا ملبوساً، وأنّه لا يصحّ السجود علي غير ذلك في حال الاختيار. فقد روي في حديث عن رسول اللّه‏ (صلّي اللّه‏ عليه وآله)، ونقله أهل السنّة أنه قال: «جعلت لي الأرض مسجداًوطهوراً»67 . وكلمة «الطهور» التي هيناظرة الي التيمّم تفيد أن المقصود من الأرض الطبيعية التي تتمثّل في التراب والصخر والحصي وما شابهها. ويقول الإمام الصادق (عليه السلام) : «السجود لا يجوز إلاّ علي الأرض أوما أنبتت الأرض إلاّ ما أكل أو لبس فقلت ـ السائل ـ جعلت فداك ما العلّة في ذلك؟ قال: لأنّ السجود هو الخضوع للّه‏ عز وجل فلا ينبغي أن يكون علي ما يؤكلويلبس لأنّ أبناء الدنيا عبيد ما يأكلون ويلبسون، والساجد في سجوده في عبادة اللّه‏ تعالي فلا ينبغي أن يضع جبهته في سجوده علي معبود أبناء الدنيا الذين اغترّوا بغرورها. والسجود علي الأرض أفضل لأنّه أبلغ في التواضع والخضوع للّه‏ عزّ وجلّ»68 . ولقد كانت سيرة المسلمين في عصر الرسول الأكرم (صلّي اللّه‏ عليه وآله) هي السجود علي أرض المسجد، وعندما كان الجوّ حارّاً جدّاً بحيث كان السجود علي الحصي أمراً عسيراً، كان يسمح لهم أن يأخذوا الحصي في أكفّهم لتبريدها، حتّي يمكنهم السجود عليها . يقول جابر بن عبداللّه‏ الأنصاري: كنت أُصلّي مع رسول اللّه‏ (صلّي اللّه‏ عليه وآله) الظهر فآخذ قبضة من حصيً في كفّي لتبرد حتي أسجد عليها من شدّة الحرّ69 . وتجنّب أحد الصحابة عن تتريب جبهته عند السجود فقال له النبيّ (صلّي اللّه‏ عليه وآله) «ترّب وجهك»70 . إنّ هذه الأحاديث وغيرها تشهد بأنّ وظيفة المسلمين في عصر النبيّ (صلّي اللّه‏ عليه وآله) كانت في البداية هي السجود علي التراب والحصي، ولم يسجدوا علي الفراش أو اللباس أو علي طرف العمامة، ولكن النبيّ (صلّي اللّه‏ عليه وآله) أبلغ عن طريق الوحي الإلهي فيما بعد أنّه يمكنه السجود علي الحصير والخُمرة كما في الرواية عن أبي سعيد الخدري: إنّه دخل علي النبيّ (صلّي اللّه‏ عليه وآله) فرآه يصلّي علي حصير يسجد عليه71 . وسار المسلمون علي ذلك ففي رواية الإمام الصادق (عليه السلام) قال: «دعا أبي بالخُمرة فأبطأت عليه فأخذ كفّاً من حصي فجعله علي البساط ثمّ سجد»72 . وفي رواية أُخري عنه (عليه السلام) قال: «كان أبي يصلّي علي الخُمرة يجعلها علي الطنفسة ويسجد عليها، فإذا لم تكن خُمرة جعل حصي علي الطنفسة حيث يسجد»73 . وهناك روايات أُخري عن أهل البيت (عليهم السلام) تحدّد ما يسجد عليه المصلّي ومنها : 1 ـ عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: السجود علي الأرض فريضة، وعلي الخمرة سنة74 . 2 ـ عن أبي العبّاس الفضل بن عبدالملك قال: قال أبو عبداللّه‏ (عليه السلام): لا تسجد إلاّ علي الأرض أو ما أنبتت الأرض إلاّ القطن والكتان»75 . 3 ـ عن عليّ بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر (عليه السلام) قال : سألته عن الرجل يصلّي علي الرطبة النابتة قال: فقال: إذا ألصق جبهته بالأرض فلا بأس، وعلي الحشيش النابت الثيل وهو يصيب أرضاً جدداً قال: لا بأس به76. 4 ـ عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: لا بأس بالقيام علي المصلّي من الشعر والصوف إذا كان يسجد علي الأرض، فإن كان من نبات الأرض فلا بأس بالقيام عليه والسجود عليه77 . 5 ـ عن أبي عبداللّه‏ (عليه السلام) قال: ذكر أن رجلاً أتي أبا جعفر (عليه السلام) وسأله عن السجود علي البوريا والخصفة والنبات قال: نعم78 . 6 ـ عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: لا بأس بالصلاة علي البوريا والخصفة وكلّ نبات إلاّ الثمرة79 . إنّ الشيعة الإمامية كانوا ولا يزالون مقيّدين بهذا الأصل، فمنهم كانوا ولا يزالون يسجدون فقط علي الأرض، أو ما ينبت من الأرض من غير المأكول والملبوس كالحصير المصنوع من سعف النخل، أو القصب، ويرجع إصرارهم علي السجود علي التراب أو الحصي والصخر أو الحصير الي هذه الأدلّة الساطعة. ثم إنّ الأفضل أن تكون المساجد في البلاد الإسلامية علي نحو يمكن لأتباع جميع المذاهب المختلفة العمل بوظائفهم دون حرج، وجدير بالإشارة أن التراب والحجر هو في الحقيقة «مسجود عليه» وليس «مسجوداً له» فالشيعة يسجدون علي التراب والحجر لا أنهم يسجدون لهما. وربّما يتصوّر أحد خطأ أن الشيعة يسجدون للتراب والحجر في حين أنّهم إنّما يسجدون للّه‏ تعالي تماماً مثل جميع المسلمين ويضعون جباههم علي التراب تذللاً للّه‏ تعالي، ويقولون سبحان ربّي الأعلي وبحمده80 .

البحث الرابع: فضیلة التربة الحسینیّة

كان الأوزاعي (ت 156 ه )، والمعاصر لأبي حنيفة، إذا أراد السفر من المدينة حمل معه طينة ليسجد عليها فسُئل عن ذلك، فقال: إنّ أفضل بقعة في الأرض هي البقعة التي دُفن عليها رسول اللّه‏ (صلّي اللّه‏ عليه وآله)، وأحبّ أن يكون سجودي للّه‏ تعالي عليها81 . عن عائشة أو أُمّ سلمة، أنّ النبيّ (صلّي اللّه‏ عليه وآله) قال لأحدهما: «لقد دخل عليَّ البيت ملكٌ لم يدخل عليَّ قبلها، فقال لي إنّ ابنك هذا الحسين مقتول وإن شئت أريتكِ من تربة الأرض التي يُقتل بها»، قال فأخرج تربة حمراء»82. عن أُمّ سلمة قالت: كان رسول اللّه‏ (صلّي اللّه‏ عليه وآله) جالساً ذات يوم في بيتي، قال: «لا يدخل عليَّ أحد» فانتظرت فدخل الحسين . فسمعت (عليه السلام) نشيج رسول اللّه‏ (صلّي اللّه‏ عليه وآله) يبكي فاطّلعت فإذا حسين في حجره والنبيّ (صلّي اللّه‏ عليه وآله) يمسح جبينه وهو يبكي، فقلت: واللّه‏ ما علمت حين دخل، فقال: «إنّ جبرئيل (عليه السلام) كان معنا في البيت، قال: أفتحبّه؟ قلت: أمّا في الدنيا فنعم»، قال: إنّ أُمّتك ستقتل هذا بأرض يقال لها كربلاء، فتناول جبرئيل من تربتها فأراها النبيّ (صلّي اللّه‏ عليه وآله) فلمّا أُحيط بحسين حين قتل قال: «ما اسم هذه الأرض؟ قالوا: كربلاء، فقال: «صدق رسول اللّه‏ كرب وبلاء»83 . محمّد بن المشهدي في المزار الكبير، بإسناده عن إبراهيم بن محمّد الثقفي، عن أبيه، عن الصادق جعفر بن محمّد (عليهما السلام) قال: «إنّ فاطمة بنت رسول اللّه‏ (صلّي اللّه‏ عليه وآله) كانت سبحتها من خيط مفتّل، معقود عليه عدد التكبيرات، وكانت (عليها السلام) تديرها بيدها تكبّر وتسبّح حتي قُتل حمزة بن عبدالمطلب فاستعملت تربته وعملت التسابيح، فاستعملها الناس، فلمّا قُتل الحسين (عليه السلام) عدل بالأمر إليه، فاستعملوا تربته، لما فيه من الفضل والمزيّة»84 . إنّ أرض كربلاء كأرض مكّة والمدينة محاطة بهالة من التقديس والتعظيم، ويقول الرواة: إنّ الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) لما اجتاز علي أرض كربلاء أخذ قبضة من ترابها فشمّها وبكي حتي بلّ الأرض بدموعه، وهو يقول: «يُحشر من هذا الظهر سبعون ألف يدخلون الجنّة بغير حساب»85. وروت أُمّ المؤمنين السيّدة أُمّ سلمة، قالت: إنّ رسول اللّه‏ (صلّي اللّه‏ عليه وآله) اضطجع ذات ليلة للنوم وهو حائر ـ أي مضطرب ـ ثم اضطجع وهو حائر دون ما رأيت به المرّة الأُولي، ثم اضطجع وفي يده تربة حمراء، وهو يقلّبها، فقلت له: ما هذه التربة يا رسول اللّه‏...؟ فقال: «أخبرني جبرئيل أنّ هذا ـ وأشار الي الحسين ـ يُقتل بأرض العراق، فقلت لجبرئيل: أرني تربة الأرض التي يُقتل بها فهذه تربته»86 . وروت السيّدة أُمّ الفضل بنت الحارث، قالت: إنّ الحسين في حجري فدخلتُ علي رسول اللّه‏ (صلّي اللّه‏ عليه وآله) ثم حانت مني إلتفاتة؛ فإذا عينا رسول اللّه‏ (صلّي اللّه‏ عليه وآله) تهريقان من الدموع، فقلت له: يا نبيّ اللّه‏، بأبي أنت وأُمّي مالكَ؟! «أتاني جبرئيل فأخبرني أن أُمّتك ستقتل ابني هذا وذعرت أُمّ الفضل وراحت تقول: يقتل هذا ـ وأشارت الي الحسين ـ ...؟ نعم وأتاني جبرئيل بتربة من تربته الحمراء»87 . وروت عائشة قالت: دخل الحسين بن عليّ علي رسول اللّه‏ (صلّي اللّه‏ عليه وآله) وهو يوحي إليه فنزا علي رسول اللّه‏، وهو منكبٌّ فقال جبرئيل: أتحبّه يا محمّد؟ قال: «ومالي لا أحبّ ابني؟ قال: فإنّ أُمّتك ستقتله من بعدك، فمدَّ جبرئيل يده فأتاه بتربة بيضاء، فقال: في هذه الأرض يُقتل ابنك هذا، واسمها الطف، فلمّا ذهب جبرئيل من عند رسول اللّه‏ (صلّي اللّه‏ عليه وآله) والتربة في يده وهو يبكي فقال: يا عائشة إنّ جبرئيل أخبرني أن ابني حسيناً مقتول في أرض الطف، وأن أُمّتي ستفتن بعدي ثم خرج الي أصحابه وفيهم عليّ وأبوبكر وعمر وحذيفة وعمّار وأبوذرّ وهو يبكي فبادروا إليه قائلين: ما يُبكيكَ يا رسول اللّه‏؟... أخبرني جبرئيل أنّ ابني الحسين يُقتل من بعدي بأرض الطفّ وجائني بهذه التربة، وأخبرني أن فيّها مضجعه»88 . وروت السيّدة أُمّ سلمة، قالت: كان الحسن والحسين يلعبان بين يديّ النبيّ (صلّي اللّه‏ عليه وآله) في بيتي فنزل جبرئيل، فقال: يا محمّد إنّ أُمّتك تقتل ابنك هذا من بعدك ـ وأشار إلي الحسين ـ فبكي رسول اللّه‏ (صلّي اللّه‏ عليه وآله) وضمّه الي صدره، وأنّ بيده تربة فجعل يشمّها وهو يقول: «ويح كرب وبلاء وناولها أُمّ سلمة فقال لها: إذا تحوّلت هذه التربة دماً فاعلمي أنّ ابني قد قُتل...». فجعلتها أُمّ سلمة في قارورة، وجعلت تتعاهدها كلّ يوم وهي تقول: إنّ يوماً تتحولين دماً لَيوم عظيم89. وكثير من أمثال هذه الأحاديث رواها الثقات من علماء السنّة عن النبيّ (صلّي اللّه‏ عليه وآله) في تقديسه للبقعة المباركة التي استُشهد علي ثراها حفيده وريحانته الإمام الحسين (عليه السلام) فأيّ نقص إن اتخذت من ثُري تلك البقعة تربة يسجد عليها للّه‏ تعالي وحده لا شريك له.